أهلا بكم في مدونة الدكتور محمود إسماعيل صالح

الجمعة، 20 ديسمبر 2013

أساليب معالجة لألفاظ الإسلامية في بعض المعاجم ثنائية اللغة


أساليب معالجة لألفاظ الإسلامية في  بعض المعاجم ثنائية اللغة

أ.د. محمود إسماعيل صالح (ج م س)

 

إذا ألقينا نظرة على بعض المعاجم الثنائية اللغة للألفاظ الإسلامية والقرآنية، نجد مايلي:

  أولا: معاجم من إعداد أجانب ومن في حكمهم :

(أ)  في معجمه "سلك البيان في مناقب القرآن" (John Penrice: A Dictionary and Glossary of the Koran)  - المؤلف بالانجليزية نلاحظ أن بنرايس الذي صدر معجمه في عام 1873م  يخاطب كما يبدو المستشرقين الناطقين بالانجليزية الذين لهم إلمام جيد باللغة العربية ليشرح لهم معاني ألفاظ القرآن الكريم . من ثم نجد أنه



-         اعتمد نظام الجذور للألفاظ القرآنية مداخل لمعجمه .

-         يستخدم الحرف العربي في كتابة هذه المداخل والألفاظ المشروحة .

-         يعطي بعض المعلومات الصرفية للكلمات .

-         يستخدم المقابلات الانجليزية (مثل alms في شرح كلمة زكاة ) .

(ب) في أول معجم شامل باللغة الإنجليزية للألفاظ والأعلام الإسلامية لمؤلفه توماس هيوز Thomas P Hughes: Dictionary of Islam: A Cyclopaedia of the Doctrines, Rites, Ceremonies Etc. of the Islamic Religion يذكر المؤلف الذي صدرت الطبعة الأولى من معجمه في عام 1885م  أنه "يحاول أن يوفر اللناطقين بالانجليزية عرضا منظّما لمعتقدات الدين الاسلامي" (ص iii) . ولايفترض في القارىء إلماما باللغة العربية . لذلك نجد أن المؤلف اعتمد مايلي:

-         تقديم ألفاظ أو أعلام انجليزية وإعطاء مقابلاتها العربية ، مع الشرح .

-         إعطاء الألفاظ العربية مكتوبة بالحرف اللاتيني ومقابلاتها الإنجليزية مع شرحها .

-         ترتيب المداخل تبعا للفظ بالحرف اللاتيني .

-         إيراد كشاف للألفاظ العربية بالحرف العربي ، مرتبة وفق نطقها .

 

(جـ) في معجم حديث لمؤلفه يان نيتون Ian R Netton: A Popular Dictionary of Islam  يذكر المؤلف أنه يتوجه بمعجمه إلى غير المتخصصين من المسلمين وغيرهم (من الناطقين بالانجليزية) . لذلك فإنه لجأ إلى مايلي:

-         إيراد الأعلام والألفاظ الاسلامية وإعطاء مقابلاتها بالانجليزية ثم شرح الكلمة باللغة الإنجليزية .

-          إيراد بعض المصطلحات الإنجليزية وإحالة القارىء إلى الكلمة العربية المقابلة لها.

-          استخدام الحرف اللاتيني في كتابة الألفاظ العربية وفي ترتيبها .

 

(د) في معجم حديث أيضا ألفته مترجمة بريطانية ، Aisha Bewley: Glossary of Islamic Terms ، نفهم من مقدمة المؤلفة أنه موجه للقارئ [الناطق بالإنجليزية الذي لايفترض معرفته حتى بالحرف العربي] . من ثم اتبعت المؤلفة مايلي :

-         تقسيم المعجم إلى أقسام رئيسة : مصطلحات عامة ، وحدات الوزن والقياس ، العبارات العربية ، التاريخ ... "المصطلحات القرآنية والحديثية والفقهية وعلم الكلام والتصوف" .

-         في سائر الأقسام رتبت المؤلفة الألفاظ وفقا لنطقها مكتوبا بالحرف اللاتيني .

-         بعد كل مصطلح أو اسم علم نجد ترجمة أو شرحا باللغة الإنجليزية أو كليهما معا .

-         هناك كشاف شامل لجميع المصطلحات الواردة في المعجم ، مكتوبة بالحرف اللاتيني .

 

(هـ) في معجم موجز للمصطلحات الإسلامية من إعداد أحد المقيمين في الولايات المتحدة الأمريكية  M.A.Qazi: A Concise Dictionary of Islamic Terms—يذكر المؤلف أن الكتاب جاء "تلبية لاحتياج عدد كبير من قراء الإنجليزية " في الولايات المتحدة وخارجها (المقدمة).

 ولذلك اتبع مايلي في معجمه :

-         ترتيب المعجم وفقا لنطق الكلمة العربية مكتوبا بالحرف اللاتيني ، متبوعا بالكلمة في صورتها العربية .

-         ذكر الترجمة (أو المقابل) بالإنجليزية أحيانا .

-         تقديم شرح موجزأو الاكتفاء بعدد من المرادفات الإنجليزية .

 

(و) في كتابه الموسوم "نحو إنجليزية إسلامية" Toward Islamic English والذي صدر في سلسلة أسلمة المعرفة من معهد الفكر الإسلامي بالولايات المتحدة الأمريكية ، يذكر مؤلفه (إسماعيل الفاروقي) أن الجمهور الموجه له الكتاب هو المسلمون الناطقون بالإنجليزية بهدف "إيجاد لغة جديدة -- الإنجليزية الإسلامية ..." (ص 14) . وقد اتبع المؤلف مايلي :

-         جمع المصطلحات والعبارات الإسلامية في عدد من الفئات ، مثل "علوم القرآن ، علوم الحديث، علوم الشريعة.، أدعية وعبارات اجتماعية .." ورتبت المصطلحات والمفاهيم تبعا لجذورها العربية في بعض أقسام الكتاب (دون ذكر الجذر صراحة) .

-         أتبعت كل كلمة وعبارة بلفظها بالحرف اللاتيني .

-         إعطاء مرادف أو مرادفات إنجليزية في بعض الأحيان .

-         تقديم شرح أو تعليق موجز في معظم الأحيان .

من الجدير بالذكر أن المؤلف لم يهدف من كتابه إلى إعداد معجم للألفاظ الإسلامية ؛ فهو يرمي إلى اقتراح إدخال ألفاظ وتعبيرات عربية إسلامية لتكون جزءا من إنجليزية المسلم الناطق بها . لذلك نجد أنه حتى عندما يورد المؤلف مرادفات إنجليزية في بعض الأحيان فإنه لم يأت بها بوصفها مقابلات للتعابير العربية ، بل بهدف توضيح معاني تلك التعابير.

ويبدو أن العمل تم في عجالة كما يبدو ، حيث إن بعض الأقسام لم يراع الترتيب اللفظي فيها ، كما أن الأقسام التي رتبت ألفاظها لم يذكر المؤلف الجذورالتي رتبت الألفاظ على أساسها  صراحة ، بل ضمنيا . لذلك يفاجأ القارىء بكلمة مثل "أقام " بعد "قصص" ، كما أن "أهل الكتاب" تأتي في باب كتاب وليس أهل . كذلك هناك أخطاء في الترتيب ، مثل تقديم الكلمات المشتقة من ع ل م على الكلمات المشتقة من ع ق ل .

في جميع الأحوال يبدو أن الكاتب نسي أن الجمهور هم الناطقون بالإنجليزية كما صرح في مقدمة الكتاب .  فننجد أن المعرفة باللغة العربية وصرفها مطلوب للبحث عن الألفاظ الإسلامية في هذا الكتاب.

 

ثانيا : معاجم من إعداد مؤلفين عرب :

 

من جهة أخرى ، نجد عددا من المعاجم الخاصة بالألفاظ الاسلامية من إعداد مؤلفين عرب يعيش معظمهم في العالم العربي ، نعلق على بعض منها :

(أ‌)     "معجم لغة الفقهاء (عربي-إنكليزي) مع كشاف إنكليزي عربي بالمصطلحات الواردة في المعجم" (ط 1 ، 1985م) ، وضع محمد رواس قلعة جي وحامد صادق قنيبي . من الواضح أن المعجم موجه للقارىء العربي الذي يرغب في معرفة المقابلات الإنجليزية للمصطلحات الفقهية الإسلامية ، حيث يذكر المؤلفان أن "هذا المعجم التخصصي خطوة أولى يفيد الباحثين والدعاة العرب خاصة" (ص 6) ، لذلك عمد المؤلفان إلى مايلي:

-         إيراد المصطلحات العربية مرتبة حسب نطقها (شكلها) .

-         إعطاء المقابل باللغة الإنجليزية والفرنسي "إن أعيانا المراد الانكليزي" (ص 5) .

-         تقديم شرح أو تعريف للمصطلح باللغة العربية .

جدير بالذكر أن هناك طبعة جديدة أضيفت إليها الترجمات الفرنسية بمعاونة قطب مصطفى سانو (2007م).

 

(ب‌)"قاموس الألفاظ الإسلامية" ، من إعداد ديب الخضراوي  (1995م) . ويذكر المؤلف أن المعجم موجه للقارىء الذي يعرف الانكليزية من مسلمين وغير مسلمين ، حيث يقول : "رأينا أن نخاطبه بما يعقل من لغة فيزداد الذين آمنوا إيمانا وتزول عن عقول غير المسلمين شكوكهم وظنونهم بالله بغير الحق وينزاح عن كواهلهم عبء الكفر ..."  (صص 7و8) . وقد لجأ المؤلف إلى مايلي :

-         ترتيب المعجم تبعا لجذور الكلمات العربية ، حيث ترد الألفاظ المختلفة تحت جذورها . كما يورد المؤلف بعض العبارات المعروفة تحث جذر الكلمة الأولي ("احتسب عند الله الشيء" تحت الجذر ح س ب مثلا )

-         إتباع كل كلمة أو عبارة نطقها مكتوبا بالحرف اللاتيني .

-         إيراد المقابل الإنجليزي  ، مع إضافة شرح لبعض المداخل باللغة الإنجلييزية .

يلاحظ أنه يفترض أن تكون لدى مستخدم القاموس معرفة جيدة باللغة العربية ، مما يمكنه من رد الكلمة إلى جذرها , وهو مما لا يتيسر حتى لكثير من المثقفين العرب ، بله الأعاجم الذين لايعرفون العربية !  وهذا يناقض ما ذكر المؤلف من الجمهور المستهدف من القاموس.

 

(جـ)  "قاموس المصطلحات الإسلامية" لمؤلفه عمر خضير (1999م) . ويقول مؤلفه بأن "الهدف من هذا القاموس مساعدة الناطقين بالانجليزية  في فهم المصطلحات الشائعة التي يجدونها في حياتهم اليومية والمهنية." (ص  5) وقد عمد المؤلف إلى مايلي :

-         ترتيب الألفاظ تبعا لنطق الكلمة (شكلها) العربي.

-         إتباع ذلك بالنطق التقريبي بالحرف اللاتيني .(مع وجود عدد من الأخطاء في ذلك).

-         يلي ذلك مقابل إنجليزي  في كثير من الأحيان ، أو شرح موجز باللغة الإنجليزية في أحيان أخرى .

 (د) "معجم المصطلحات الدينية (عربي-إنجليزي وإنجليزي-عربي) (1995م) للدكتورين عبدالله أبوعشي المالكي وعبداللطيف الشيخ إبراهيم. وهو معجم يشمل المصطلحات الإسلامية ولا يقتصرعليها، حيث يورد المؤلفان ألفاظا دينية أخرى . وهذه ميزة إضافية للمعجم ، حيث يعين القارىء ا لعربي ، وكذلك المترجم والداعية في فهم بعض المصطلحات الدينية غير الإسلامية ، سواء أكان ذلك باللغة العربية أم باللغة الإنجليزية. وقد اتبع المؤلفان المنهج التالي في القسم الأول:

- ترتيب المصطلحات تحت جذورها العربية ثم إيراد المقابلات الإنجليزية لها ، مع شيء من الشرح الموجز.

 هـ "معجم الألفاظ والتعابير الإسلامية (عربي-إنجليزي ) مع مسرد باللغة العربية" من إعداد محمود إسماعيل صالح (2001م) . ويبدو أن الهدف من المعجم مساعدة الناطقين بالانجليزية من المسلمين خاصة في فهم معاني الألفاظ والتعابير الإسلامية الشائعة وبعض الأعلام الإسلامية ، وكذلك مساعدة الدعاة والمترجمين من عرب وعجم بتوفير المقابلات الإنجليزية للألفاظ والأعلام والتعبيرات الإسلامية. هذا ويفترض المؤلف عدم معرفة القارىء باللغة العربية أو حتى بحروفها.  وقد اتبع المؤلف ما يلي:

-         ترتيب المعجم وفقا لكتابة الألفاظ والتعبيرات الإسلامية بالحرف اللاتيني .

-         إعطاء العبارة بالحرف العربي .

-         إعطاء المقابل الإنجليزي للألفاظ والتعبيرات الإسلامية .

-         تقديم تعريف أو تعليق على العبارات (أومعظمها ) باللغة الإنجليزية ، مع الإحالة إلى الآيات القرآنية الملائمة في المداخل المناسبة .

-         إيراد كشاف بالحرف العربي للألفاظ والتعبيرات مرتبة حسب نطقها . 

 ملاحظات على بعض المعاجم :

 من قراءة دقيقة للمعاجم الأربعة في الفئة الثانية يتضح لنا مايلي :

-         أن المعجم المذكور في (د) هو الوحيد الذي التزم بتلبية حاجة القارىء الناطق بالإنجليزية ، إضافة إلى الداعية والمترجم . وذلك  بتوفير المصطحات والمقابلات الإنجليزية لكل مصطلح عربي ، تماما كما فعل معدو الفئة الأولى من المعاجم (أي المؤلفين الأعجميين ومن في حكمهما) .  كذلك نلاحظ أن المؤلف التزم بخدمة القارىء الذي لايعرف اللغة العربية ، كما هو واضح من ترتيب المعجم وفقا لشكل الكلمة والعبارة بالحرف اللاتيني وبالترتيب المتبع في المعاجم الإنجليزية ، إضافة إلى إعطاء المصطلحات الإنجليزية المناسبة .

-         أن مؤلفي" معجم لغة الفقهاء"  تنبها إلى أن معجمهما موجه للقارىء العربي – بمافي ذلك الدعاة العرب . لذلك كان ترتيب المعجم وفقا للحرف العربي والألفاظ (لا الجذور) وجاء الشرح بلغة عربية .

-         أن بعض مؤلفي المعاجم ، عندما يشرحون معاني الألفاظ الإسلامية دون تقديم المصطلحات أو الألفاظ المقابلة لها باللغة الأجنبية فإنهم لا يميزون بين حاجة القارىء من جهة والداعية و المترجم من جهة أخرى . فالقارىء أو السامع للألفاظ والتعابير الاسلامية قد يكفيه شرحها باللغة الإنجليزية ، وقد لايهمه معرفة المصطلحات أو الألفاظ الانجليزية المقابلة لها . أما الداعية والمترجم فإن حاجتهما الأولى هي معرفة المقابلات الإنجليزية ، حيث إنهما غالبا ما يعرفان معنى الألفاظ العربية ، غير أنهما يرغبان في معرفة المرادفات المناسبة باللغة الأجنبية للتعبيرعما يرغبان في التحدث عنه أو ترجمته.

-         أن مؤلفي بعض هذه المعاجم لم يتنبهوا إلى أنه بترتيب المعجم وفقا للألفاظ العربية فإنهم يفترضون من القارئ  الناطق بالإنجليزية أنه يعرف قراءة الألفاظ العربية وترتيب الحروف الهجائية العربية .  بل والأنكى من ذلك أن يعرف جذور الكلمات العربية (كما هو الحال مع قاموس الخضراوي وكتاب الفاروقي المشار إليهما أعلاه ، وكذلك معجم المالكي وإبراهيم معجم المصطلحات الدينية (عربي-إنجليزي و إنجليزي-عربي) .

 

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق